مقالات في التقنية

هاجر حلمى تكتب لـ”التقنية اليوم”: “السوشيال ميديا” أداة للتواصل الاجتماعي أم للجاسوسية

إن وجود تكنولوجيا مواقع التواصل الاجتماعي منذ البداية لم يكن شيئا اعتباطيا أو حسن النية، بل كانت ألة تكنولوجية عرضها جمع البيانات والمعلومات من الأفراد والمنظمات والمجتمعات، تستهدف جمع بياناتهم وتحليلها، والوقوف عليها، بما يسهل إمكانية تحديد الأليات السليمة لعملية التأثير عن طريق اغتصاب الوعي الإنساني، وبرمجته، وتشكيله وتوجيه نحو أهداف مطروحة مسبقا لتدخل الحيز الفعلي للإرادة والتنفيذ.

هل كانت تلك المنصات للتواصل الاجتماعي، أم لدراسة المجتمعات وإدارة السلوك الإنسائي؟

إن وجود تلك المنصات الاجتماعية بكل الامكانيات التكنولوجية متاحة ومجانية للجميع بدون أي اشتراكات، ليست من قبيل الصدقة التكنولوجية أو المنحة المعرفية لبني الإنسان ليضع أمامنا جميعا علامات استفهام وتعجب هل كانت تلك المنصات للتواصل الاجتماعي، أم لدراسة المجتمعات وادارة السلوك الإنسائي ووضع العقول تحت التحكم والسيطرة يتم من خلالها البرمجة وغسل العقول والتأثير على المشاعر عن طريق الإثارة والتحريف وتشويه الحقائق بطريقة تستجم مع أهدافهم الخبيثة المطلوبة اقليميا ودوليا.

وتمكنت مواقع التواصل الاجتماعي من خلال تلك التقنيات إحداث تغيرات جذرية على الصعيد الفكري والأيديولوجي من خلال دراسة مدققة عبر علوم تحليل البيانات، التي أتاحت الوقوف الدقيق على الشخصية وأبعادها ومعرفة كيف يمكن التأثير عليها ومواجهتها.

مواقع التواصل الاجتماعي عصا سحرية تبارز صانع القرار بالدولة وتغير مجري الأحداث

لتتابع مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي على الأمن القومي حيث جعلت من الدولة كاتبا مفتوحا يمكن قراءته، واختفت فكرة الجاسوس التقليدي الذي كان يسير بين الناس في الشوارع ليتقصى أخبار المجتمع والناس لتصبح تلك المنصات جاسوسا تكنواوجيا يدرس كل ما يدار عبر برمجة الكترونية وخواريزيمات رياضية بكل سهولة.

وتجلت مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي على الأمن القومي سياسيا وعسكريا ودوليا في دورها في تشكيل الرأي العام وتكوين الصورة الذهنية حول الأحداث والقضايا ولا أحد ينكر الدور الذي لعبته تلك المواقع أثناء ما أطلق عليه إعلاميا بثورات الربيع العربي من ضعف سطوة الأنظمة واستخدامها كألية فعالة في عمليات الحشد والتعبئة والتنظيم والدعم والتأثير على متخذي القرار، والسعي نحو تفكيك مؤسسات الدولة وليس فقط أنظمة الحكم وكذلك ما تلعبه من دورا كبيرا في تشكيل الصورة الذهنية حول القضايا والأحداث والشخصيات العامة، مما جعلها عصا سحرية تبارز صانع القرار بالدولة وتغير مجري الأحداث، بالإضافة إلى اعطاء صورة للعالم الخارجي حول وضعية ودور الدولة في مكافحة النشاط الإرهابي، والاستقرار الاقتصادي وغيرها.

تفكيك وحدة بناء المجتمع.. وتنامي الخلل الأخلاقي

وبرزت مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي على البعد القيمي والأيديولوجي والاجتماعي كونها شريكا فعال وسببا رئيسيا في ارتفاع حالات الخيانة الزوجية والطلاق والتفكك الأسري، وكذلك مسؤلة بشكل كبير عن الخلل الأخلاقي الموجود، وارتفاع نسب التطرف وانتشار ثقافية الكراهية والألفاظ النابية بين فئات الشباب والمراهقين.

قوانين حماية البيانات الشخصية.. اتفاقيات تعاون مع مسؤلي تلك المواقع على رأس أليات مواجهة المخاطر

لابد من تطبيق اتفاقية ليست فقط على مستوي مصر ولكن على الصعيد العربي تتسم بالنفاذ والصرامة وبنود عالية الدقة وشديدة الحزم، لحماية بيانات المستخدمين على تلك المواقع الاجتماعية مما يحقق نوع من الأمان وإن كان نسبيا في المحافظة على الخصوصية اقتاد باتفاقية GDPR التي اقرها الاتحاد الاوروبي من أجل حماية االبيانات الشخصية للمواطنين الأوروبين.

لابد للمؤسسات الأمنية أن تضع كل ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي تحت الرصد والنظر، مما يساعد على حجب أي صفحات أو جروبات أو فيديوهات من شأنها التحريض واثارة البلبلة أو التشجيع على العنف أو نشر مواد إباحية أو محتوى غير أخلاقي.

لابد للدولة المصرية من عقد اتفاقات مبرمة وقانونية مع مسؤلي تلك المواقع في إمكانية الكشف عن حسابات أي أشخاص مشتبه بقيامهم بأعمال إرهابية او تخربيبة.
تفعيل القوانين المرتبطة بالجرائم الالكترونية والإعلان الرسمي عنها ووضع ألية لمواجهتها لتشكل رادع قويا نحو كل من تسول له نفسه فعل تلك الجرائم.

استخدام مواقع التواصل كأداة لحرية الرأي والتعبير.. ظاهره الرحمة باطنه العذاب

إن التوجه الايجابي نحو استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كأداة للرأي والتعبير يشكل خطرا ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، فقد يستدعي الأمر في بعض الأحيان إلى رفع سقف المطالب، والخروج عن السيطرة، ولذلك لابد من وضع قوانين تحددها الدولة وينظمها القانون تنظم علمية التعبير عن الرأي على تلك المنصات حتى لا يكون الأمر عشوائيا ولا يحمد عقباه.

الوجه المضيء للسوشيال ميديا

وفي نهاية الأمر لابد من التأكيد على أن كافة الأشياء التي نستخدمها لها عيوب ومزايا وإن الارادة البشرية للإنسان هي من تحدد ألية استخدامها وما قد يعود عليه من نفع أو ضر مرتبط ارتباط وثيق بارادته ولذلك في وسط تلك المخاطر التي ذكرت فقد تستطيع الدولة الاستفادة منها على النحو المجدي من خلال دراسة الرأي العام والوقوف عليه واتجاهاته بما يتيح لها عملية التفاعل المباشر من قبل الجمهور، ويمكن من خلالها تفعيل الصفحات الرسمية للمؤسسات الحكومية والوزارات والهيئات والشركات في مواجهة أية أخبار مغلوطة أو معلومات مضللة منعا للبلبلة وإثارة الرأي العام، شاملا عملية التحديث الفوري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى