مال وأعمال

توظيف الرقمنة واعتماد السياسات المبتكرة أهم عوامل نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي

أكد خبراء في القطاع الصناعي أن جائحة كورونا ساهمت في تسريع عملية التحول الرقمي عبر أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، لا سيما في الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، حيث تتمتع المنطقة بإمكانيات هائلة لتوظيف التكنولوجيا الرقمية في تطوير القطاع الصناعي.

وأجمع الخبراء أنه وبالرغم من تنامي توظيف التقنيات الرقمية في القطاع الصناعي، لا تزال هناك العديد من التحديات، مثل الحواجز الهيكلية التي تعيق توظيف التكنولوجيا، والخلل في المساواة الاجتماعية، ونقص الموارد المالية.

خبراء من أمريكا اللاتينية والكاريبي يجتمعون في سلسلة الحوارات الافتراضية التي تنظمها القمة العالمية للصناعة والتصنيع

وسلط الخبراء، الذين شاركوا في جلسة نقاش نظمتها القمة العالمية للصناعة والتصنيع ضمن سلسلة الحوارات الافتراضية تحت عنوان “توظيف الاستراتيجيات لتعزيز الابتكار والتحول الرقمي للشركات متناهية الصغر  والصغيرة والمتوسطة في أمريكا اللاتينية”، الضوء على الدور الهام الذي تلعبه الشركات متناهية الصغر  والصغيرة والمتوسطة في توظيف التقنيات الرقمية ودعم الاقتصاد، لا سيما داخل منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي، حيث تمثل هذه الشركات ما يقارب من 99.5% من مجموع الشركات وتوفر 60% من الوظائف وتبلغ مساهتمتها في الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي 25%، وفقًا للأرقام الصادرة عن بنك التنمية للبلدان الأمريكية.

لي يونج- المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)

وفي معرض حديثه عن مدى تأثر الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بالركود الاقتصادي العالمي الناجم عن الوباء، قال لي يونج، المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو): “هناك فجوة رقمية كبيرة في دول منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي، ونحن نعمل بشكل وثيق مع حكومات هذه الدول لتمكين الشركات فيها من توظيف التقنيات المتقدمة في القطاع الصناعي. ويتوجب علينا كمجتمع دولي تعزيز جهودنا المشتركة لتمكين الدول النامية من توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة لتطوير القطاع الصناعي وتحقيق تنمية صناعية شاملة ومستدامة”.

وساهمت أزمة وباء كورونا في تسريع توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في القطاع الصناعي، حيث لعبت دورًا في تقديم حلول مبتكرة لتطوير العمليات وتعزيز الإنتاج، لكنها كانت أيضًا سببًا في إنهاء أعمال ما يقارب من 2.7 مليون شركة من الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في المنطقة خلال العام 2020 بسبب عدم قدرتها على الوصول إلى الأسواق العالمية نظرًا للاضطرابات التي شهدتها سلاسل القيمة، وعدم اشراكها في البرامج الرقمية والمالية، وفقًا للجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (ECLAC).

ودعا برناردو كالزاديلا سارمينتو، مدير إدارة التجارة والاستثمار والابتكار في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، الذي أدار جلسة الحوار الافتراضية، إلى ضرورة زيادة الدعم الحكومي للتصدي للتحديات التي تواجه الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، بما في ذلك الفجوة الرقمية وعدم المساواة بين الجنسين. وقال: “يتوجب علينا بذل كافة الجهود لإيجاد حلول للتحديات المختلفة التي تواجه الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في أمريكا اللاتينية وتوفير البيئة الملائمة التي تمكنها من الابتكار والتطور والتقدم. ويجب على القطاع العام مضاعفة جهوده لإزالة الحواجز التي تعيق تقدم هذه الشركات ووضع قوانين وتشريعات تمكن هذه الفئة من الشركات على الابتكار، وتتيح لها الوصول للمعلومات والبيانات، ودعم جهود البحث والتطوير، وتشجيع الاستثمار في التقنيات المتطورة”.

وتعتبر كوستاريكا مثالًا يحتذى به فيما يتعلق بالدور الإيجابي للحكومات في دعم الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، حيث ساهمت جهود الدولة في تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص وتوفير الاتصال الجيد بالإنترنت في تسريع عملية توظيف التقنيات المتقدمة في الشركات.

وتشير الأرقام إلى أن 88% من سكان كوستاريكا متصلين بالانترنت، وأكثر من 60% منهم قادرون على الاتصال بالشبكة من خلال الهاتف الذكي.

فيكتوريا هيرنانديز مورا- وزيرة الصناعة والتجارة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة في جمهورية كوستاريكا

وقالت فيكتوريا هيرنانديز مورا، وزيرة الصناعة والتجارة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة في جمهورية كوستاريكا، خلال مشاركتها في جلسة النقاش الافتراضية: “شجعتنا هذه النتائج على تعزيز تعاوننا مع بنك التنمية للبلدان الأمريكية لمواصلة جهودنا في تحسين الخدمات التي نوفرها للشركات والمواطنين على السواء، ومواصلة برامج الرقمنة للشركات الصغيرة والمتوسطة لتعزيز التنمية الشاملة والمستدامة، وتبني التقنيات المالية الجديدة لتمكين الشركات الصغيرة وتسهيل عملية حصولها على الموارد اللازمة لتطوير أعمالها.” وأكدت معاليها بأن هذه المبادرات ستساهم في تعزيز القدرة التنافسية للشركات، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وتطوير ودعم المواهب الوطنية.

بدوره سلط فيكتور بيسونو هازا، وزير الصناعة والتجارة في جمهورية الدومينيكان، الضوء على أهمية تطوير استراتيجيات طويلة الأمد لمساعدة الدول على مواجهة التحديات التي تعيق توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة بنجاح. وقال: “يتطلب توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتعزيز التحول الرقمي تعاونًا كاملًا من الشركات والخبراء في جميع المجالات التنظيمية والقطاعات الاقتصادية، لتوفير المتطلبات اللازمة لتحقيق التقدم والتميز التكنولوجي. ووضعت جمهورية الدومينيكان خططًا استراتيجية تهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في الدولة، والتي تتضمن مبادرات وتشريعات عدة، من بينها المرسوم الرئاسي رقم 7121، والذي ينص على إنشاء مجلس وزراء لقيادة التحول الرقمي في الدولة”.

وفي إطار جهودها لتعزيز توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في القطاع الصناعي، وقعت جمهورية الدومينيكان مذكرة تفاهم مع إسبانيا، والتي تركز على مبادرتين: أولاهما مبادرة أداة التقييم الذاتي الرقمي المتقدم، والتي ستسمح لشركات القطاع الصناعي تقييم مدى تقدمها في توظيف التقنيات المتقدمة في أعمالها، والثانية مبادرة (أكتيفا)، والتي تقدم نصائح متخصصة للمؤسسات، بما في ذلك برامج للتقييم وخطط لتعزيز التحول الرقمي.

من جهتها تطرقت جابرييلا دوترينيت، رئيسة شبكة أمريكا اللاتينية للتعلم والابتكار وأنظمة بناء الكفاءات (LALICS)، للحديث عن العقبات التي تعيق جهود توظيف الرقمنة، بما في ذلك محدودية الأساليب المتبعة لتشجيع الابتكار، وعدم التجانس الهيكلي للاقتصادات الإقليمية. وقالت: “يتمثل التحدي الأبرز في وضع منهجية ملائمة للتعامل مع التباين الكبير في السياسات المعتمدة لكل قطاع. فهناك العديد من الشركات، بمختلف فئاتها الكبيرة والصغيرة والمتوسطة، التي تمكنت من توظيف التكنولوجيا في أعمالها، وهناك شركات تعمل على توظيف التكنولوجيا في أعمالها، وأخرى لم تبدأ هذه الخطوة بعد، وبالتالي نحن بحاجة إلى تبني سياسة مختلفة، ومحاولة دمج هذه السياسات أو توضيحها”.

ووفقًا لروبن جينيرو، رئيس المعهد الوطني للتكنولوجيا الصناعية في الأرجنتين (INTI)، يمثل التحول الرقمي وتوظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في القطاع الصناعي تحديًا إضافيًا للبلاد، نظرًا للهيكلية التي تقوم عليها العملية الإنتاجية. وقال جينيرو: “من الضروري أن تعمل الدول على تصميم آليات مؤسسية ذكية وديناميكية تعزز التعاون بين القطاعين العام والخاص والقطاع الأكاديمي والقوى العاملة. وقدمت وزارة التنمية الإنتاجية في الأرجنتين، قبل بضعة أشهر، استراتيجية جديدة لتوظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في خطط التنمية الإنتاجية، والتشجيع على تبني هذا النموذج لتعزيز تطوير الحلول التكنولوجية في الدولة. وتم وضع الاستراتيجية الجديدة بعد دراسة تجارب الدول الأخرى، لكن مع التركيز بشكل أكبر على خصوصياتنا، وبنيتنا الإنتاجية، ونقاط قوتنا وضعفنا”.

وتتضمن خطة الأرجنتين لتوظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة بهدف تعزيز التنمية الإنتاجية، 50 إجراءً جديدًا لرفع الوعي، بما في ذلك التدريب والمساعدة الفنية ودعم الاستثمار والبنية التحتية التي تدعم عملية التحول الصناعي. إضافة إلى ذلك، يعمل المعهد الوطني للتكنولوجيا الصناعية على وضع دورات متخصصة وطرح تخصصات جامعية بهدف تعزيز القطاع الصناعي وبناء إطار مؤسسي متمكن.

وتأتي جلسة النقاش ضمن سلسلة جديدة من الحوارات الافتراضية التي تنظمها القمة العالمية للصناعة والتصنيع، والتي تعقد دورتها الرابعة في مركز دبي للمعارض في إكسبو دبي في الفترة ما بين 22 و27 نوفمبر 2021 تحت عنوان الارتقاء بالمجتمعات: توظيف التقنيات الرقمية لتحقيق الازدهار.

ويمكن مشاهدة جلسة النقاش عبر الرابط، كما يمكن للراغبين بالمشاركة في الدورة الرابعة من القمة العالمية للصناعة والتصنيع تسجيل اهتمامهم على الموقع الإلكتروني للقمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى